ألم أسفل الظهر
Lumbago
د. حسان لايقة
أخصائي أمراض المفاصل و الروماتيزم و أمراض المناعة
دمشق - سوريا
يشكو كثير من الناس من ألم أسفل الظهر مرة واحدة خلال حياتهم على الأقل، و يشكل هؤلاء نسبة هامة من المرضى الذين يراجعون عيادة الأمراض المفصلية.
تكمن أسباب عديدة وراء ألم أسفل الظهر، و منها ما ينتج عن العظام و المفاصل الظهرية مثل آفات القرص الفقري (الديسك)، و يعود سبب غيرها إلى الأنسجة و الأعضاء القريبة من الفقرات و المتصلة بها مثل العضلات و الأعصاب، و لا يتمكن الطبيب إلا من توقع مكان و سبب الإصابة في أغلب الحالات، و يطلق كثير من الأطباء تسمية الديسك أو عرق النسا مجازياً على العديد من الأمراض في العمود الفقري القطني، و قد تكون الكلمة مرفقة بكلمات أخرى مثل ديسك خفيف، أو بداية ديسك، أو التهاب أعصاب أو غيرها، و أورد هنا بعض أسباب ألم أسفل الظهر:
الوثي و الإجهاد القطني
تنكس الأقراص و المفاصل بين الفقرات.
الفتق القرصي (الديسك الحقيقي).
تضيق القناة الشوكية.
تخلخل العظام.
انزلاق الفقار.
الكسور الرضية.
ميل العمود الفقري.
الأورام.
العداوي (الإنتانات الجرثومية مثل التهاب العظم و النقي و الحمى المالطية و السلو غيرها).
بعض أمراض الحوض و انثقاب القرحة و التهابات المجاري البولية و التهاب البنكرياس و غيرها.
بعض أمراض الروماتيزم الالتهابي مثل التهاب الفقار اللاصق و غيره.
يوجد الكثير من الأعراض التي يراجع بها المريض الذي لديه إصابة على مستوى العمود الفقري القطني (فقرات أسفل الظهر) إضافة إلى الألم، و تساعد هذه الأعراض الطبيب في وضع التشخيص الصحيح إلى حد بعيد حتى دون اللجوء إلى الفحوص الشعاعية أحياناً، و يعد انتشار الألم إلى الرجل و القدم بشكل خدر و نمل من أهم صفات الألم الجذري الذي يشير إلى تخريش جذر عصبي في فتق القرص الفقري مثلاً (الديسك)، و يزداد هذه الألم بالسعال و العطاس غالباً و يزداد بالانحناء للأمام في الفتق و بالانحناء للخلف في تضيق القناة الفقرية من سبب آخر، و يكثر حدوث ألم مفاجئ في العمود القطني يعيق الحركة دون أن ينتشر أو يزداد بالسعال و العطاس في الانعقال الفقري و ما يرافقه من تشنج عضلي، و أحب أن أشير إلى أن ألم أسفل الظهر مع ما يسببه من إعاقة و إثقال جسدي و نفسي قد يكون شديداً فهو لا ينتج عن أمراض خطيرة إلا في نسبة قليلة من المرضى.
و أذكر هنا بعض الأعراض التي تستوجب مراجعة الطبيب حتماً و بشكل سريع:
• الألم المفاجئ الذي يعيق الحركة.
• تشنج الرجل من جذرها بالمشي.
• ترافق الألم بالحمى.
• اضطراب التبول أو التغوط.
• الألم المزمن الذي أصبح لا يستجيب على المسكنات العادية.
• الألم الليلي.
• الإحساس بالتيبس صباحاً و عدم القدرة على النهوض من الفراش و الحركة بشكل طبيعي إلا بعد فترة زمنية مديدة.
• وجود أعراض مرافقة مثل الحرقة أثناء التبول و الإسهال المتردد منذ فترة طويلة.
• الأعمار المتقدمة و عند النساء في سن الأياس.
تجرى الصور الشعاعية البسيطة بوجود قصة رض، أو حمى، أو نقص وزن غير مفسر، أو قصة سرطان، أو خدر و نمل أو ضعف عضلي، أو للمرضى بعمر فوق 50 سنة، أو غيرها، كذلك تجرى في حال عدم تحسن الألم على العلاج بالمسكنات بعد 4 – 6 أسابيع، و يجرى مع التصوير استقصاءات مخبرية مثل قياس سرعة التثفل و تعداد الدم الكامل، و قد يتطلب الأمر إجراء التصوير المقطعي المحوسب CT و تصوير الرنين المغناطيسي MRI، و يجب الانتباه إلى أن كشف تبدلات تنكسية أو تبارز أو فتق قرصي بهذه الوسائط شائع و لا يدل بالضرورة على أنها سبب الألم، بل حتى إنها تسبب تشويش الفاحص أحياناً، و لذلك لا يجب أن تثير هذه الموجودات قلق المريض كثيراً و يترك تفسيرها للطبيب المعالج وحده، و توجد استقصاءات أخرى تترك لبعض الحالات الخاصة مثل تخطيط الأعصاب و العضلات و التصوير الشعاعي الظليل و التصوير الومضاني للجسم.
يتحسن ألم أسفل الظهر لا النوعي خلال أسبوع عند ثلث المرضى و خلال سبعة أسابيع من البدء عند ثلثي المصابين عادة، و لكن نسبة عودة الألم تبقى عالية، و لا يعني نكس الألم خطورة زائدة عادة و هو يحمل نفس إنذار الألم الأول، و قد يتطلب الأمر إعادة بعض الفحوص المخبرية و الشعاعية عند تغير طبيعة أو شدة الألم، و أشير إلى ألم أسف الظهر لا يسبب العجز إلا نادراً.
ألتدبير:
تفيد مضادات الالتهاب غير الستيرويدية والمرخيات العضلية كعلاج عرضي للألم غير النوعي غالباً، و يجب التنبيه إلى أن هذه الأدوية تتمكن من تخفيف معظم آلام أسف الظهر مهما كان نوعها، و لو إلى حين، و لا يفضل وصف العلاج الفيزيائي في بعض حالات الألم الحاد إذ قد يزيد ذلك من الألم، و ينصح بالعودة السريعة إلى الفعاليات الحياتية الاعتيادية مع تجنب حمل الأثقال و عطف الجذع خلال الطور الألمي الحاد.
يعالج فتق القرص الفقري (الديسك الحقيقي) دوائياً لفترة كافية في البدء إلا إذا ترافق مع أعراض و علامات عصبية فيجرى التصوير المناسب سريعاً لتقرير ضرورة إجراء عمل جراحي بالطريق المفتوح أو المغلق، و قد يفيد إعطاء حقن دوائية في الظهر، أو إعطاء الستيرويدات (الكورتيزون) أحياناً، و أشير إلى أن ألم قليل من المرضى لا يخف بالجراحة مطلقاً، و يترك لجراح الأمراض العصبية شرح ذلك لمن تلزم الجراحة لهم.
يسبب مرض تخلخل العظام (و يطلق عليه أيضاً ترقق العظام أو وهن العظام أو هشاشة العظم) ألم الظهر أحباناً و يحتاج ذلك إضافة إلى تسكين الألم إلى إعطاء مقويات العظم و الوقاية من الكسور، و يجب إعطاء هذه الأدوية مدى الحياة عادة و لا يكفي إعطاؤها أثناء نوبة الألم.
يجب الإشارة إلى أن ألم أسفل الظهر يمكن أن يؤدي مثل كل الآلام المزمنة إلى انزعاج شديد للمريض يؤثر على نفسيته بشكل يتفاوت بين مريض و آخر، و قد يعطي الطبيب بعض الأدوية المهدئة أحياناً.
و تبقى الوقاية ممكنة رغم قلة أهميتها هنا، إذ يمكن للتمرين في الهواء الطلق و التمارين الخاصة بتقوية عضلات الظهر و الرجلين أن تقلل من تكرار حدوث الألم، و قد يفيد إنقاص الوزن و إيقاف التدخين، و يفيد الابتعاد عن الإجهاد في العمل في إنقاص مدة الألم.